منوعات

تــرانــزيــت.. قصة قصيرة للكاتبة سحر سلامة

لم يلتفت أحد لتلك البرودة التى تحيط بالمكان, ولا لقطرات  الماء التى صارت  تسيل على زجاج النوافذ  فتختفي الرؤية من خلفها, تهتز الأرض فجأة فرحا بقدوم أحدهم, تتراقص طربا على صوت آتى من بعيد: مرحبا بكم؛ نرجو لكم قضاء وقت ممتع ورحلة سعيدة.

 تتمنى لو شعرت ببعض من دفء المشاعر, أو يرى أحدهم تلك الدموع على زجاج النوافذ فيمحوها براحة يديه وهو يرسم عليها قلب يكتب فيه اسمه, ولكن ذلك لم يحدث, فقبل أن تشعر بالألفة سمعت نداء آخر: على المسافرين فى صالة الترانزيت سرعة التوجه لباب رقم واحد لاستقلال الطائرة واسكمال الرحلة, كما نتمنى لكم رحلة سعيدة.

أخذ قلبها يرتجف, يشكو برودة المشاعر ورهبة الهجر, فمجرد انصراف الجميع ستصبح خاوية, خافتة الأضواء, باردة, تنهشها أنياب الوحدة.

تميل طربا مع ضحكات بعض الصغار التى أتتها من بعيد كإشراقة صبح, تلتف لترى نظرات الأمل فى بعض العيون التى تملأها الدموع, فبعض العيون دموعها فراق والأخرى لقاء, خطوات الزوار يختلف وقعها ؛ فمنها خطوات ثقيلة ترفض الهجر والاغتراب, والأخرى تكاد تلمس الأرض فهى تطير شوقا للقاء.

تتذكر تلك الحكايات التى طالما كانت تأنس بها من زوارها منذ زمن ليس ببعيد قبل هذه الطفرة المهولة والتقدم التكنولوجي الذى جعل الطيارات تتزود بالوقود في الجو دون الحاجة لنزولها ترانزيت, ومدى كان إحساسها بالدفء, والألفة, والسعادة بوجودهم.

تطلق زفيراً طويلاً يتحول لعاصفة من الغضب, يقف الجميع فى انزعاج  وقلق يحدقون فيما حولهم, يتساءلون: ماذا سيترتب علي تلك العاصفة؟

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى