التطورات في قطاع غزة تنعكس على العلاقات بين أنقرة وواشنطن، الحليفة الكبرى لتل أبيب.
وسط ردود الفعل الحادة المتبادلة بين تركيا وإسرائيل في الساعات الأخيرة بشأن التطورات في قطاع غزة، هناك ترقّب لانعكاس ذلك على العلاقات بين أنقرة وواشنطن، الحليفة الكبرى لتل أبيب.
اشتغلت المعارك التي بدأت بهجمات للفصائل الفلسطينية على المستوطنات الإسرائيلية، ثم رد إسرائيل بغارات مكثّفة على غزة، اتخذت أنقرة موقفا وصفه محللون بـ”التوازن الحذر”، دانت في بيان لوزارة الخارجية التصعيد من الجانبين، قائلة: “نؤكّد أن أعمال العنف والتصعيد المرتبطة بتلك الأحداث لا تعود بفائدة على أحد”.
و في 9 أكتوبر، قال أردوغان في كلمة عبر التلفزيون: “نطلب من إسرائيل وقف قصفها للأراضي الفلسطينية، ومن الفلسطينيين الكف عن مضايقة المستوطنات الإسرائيلية”.
في 11 أكتوبر، مع زيادة القصف الإسرائيلي لغزة وزيادة عدد الضحايا، وصف أردوغان ما يجري في غزة بأنه “ليس حربا إنما جريمة إبادة جماعية”.
نبرة الانتقادات التركية لإسرائيل بعد الغارة التي استهدفت المستشفى المعمداني في غزة، 17 أكتوبر، وكذلك بعد إعلان إسرائيل توسيع عملياتها البرية في القطاع مساء الجمعة الماضي، مصحوبة بتكثيف القصف الجوي و المدفعي؛ حيث طالب أردوغان في ذات اليوم إسرائيل “بوقف هذا الجنون”.
في 25 أكتوبر، أعلن أردوغان خلال اجتماع الكتلة النيابية لحزب العدالة والتنمية الحاكم، إلغاء زيارته لإسرائيل، كما رفض وصف حركة حماس بأنها حركة إرهابية.
قال أردوغان وسط حشد من الأتراك في إسطنبول، 28 أكتوبر، إن بلاده “تقوم بالتحضيرات اللازمة من أجل إعلان إسرائيل مجرمة حرب أمام العالم”، مضيفا أن “الجميع يعلم أن إسرائيل ليست سوى بيدق في المنطقة سيتم التضحية به عندما يحين الوقت”.
ردّت إسرائيل بسحب دبلوماسييها من أنقرة، وقال وزير خارجيتها، إيلي كوهين، على موقع “إكس”، السبت، إن الهدف “إعادة تقييم العلاقات الإسرائيلية التركية”
يتوقّع المحلل السياسي التركي، مهند حافظ أوغلو، تصعيدا قادما بينأنقرة وتل أبيب، خاصة وسط خلافاتهما بشأن ملف الطاقة.
يوضّح حافظ أوغلو: “إذا بقي التصعيد في الأراضي الفلسطينية سوف تتأثّر المصالح التركية؛ لأن هناك اتفاقات مع الجانب الإسرائيلي على نقل الطاقة عبر تركيا إلى أوروبا، وهذا سيتاثّر بشكل كبير”.
وعما وراء تصعيد أردوغان من نبرة انتقاده لإسرائيل، يقول المحلل التركي إن هذه التصريحات النارية تأتي في سياق الامتعاض التركي الداخلي مما يجري في غزة، وحتى أحزاب المعارضة التقت الرئيس منذ أيام، مستنكرين التصعيد الإسرائيلي.
لكن في نفس الوقت، يستبعد حافظ أوغلو أن يصل الأمر إلى “سقف عالٍ من التوترات” بين البلدين، حتى بعد سحب إسرائيل دبلوماسييها.
أما بشأن انعكاس هذا على العلاقات مع واشنطن، التركي أنها لا تؤثر علي ما يجري في غزة، لكنها ترتبط بملفات أخرى، منها انضمام السويد لحلف شمال الأطلسي “ناتو”.
وبعد أشهر من الخلاف، وافق أردوغان، 23 أكتوبر، على إحالة طلب السويد لعضوية الناتو، إلى البرلمان للتصويت عليه، وهي خطوة طالما شجّعت عليها واشنطن.
و متوقع أن تتحسن العلاقات بين البلدين إثر ذلك، حيث يقول حافظ أوغلو إن “هذا له ثمن، وهذا الثمن قد يكون الطائرات F16″، في إشارة لتلويح واشنطن سابقا بإمكان موافقتها على بيع هذه الطائرات لأنقرة إن وافقت على انضمام السويد للناتو.
وأشار المحلل السياسي الأميركي، مهدي عفيفي، إلى أن الولايات المتحدة تهتم بأن تكون العلاقات بينها وبين تركيا “محكمة”، ومن غير المتوقع أن تضحي واشنطن بتركيا في سبيل أي شيء.
أما عن تصعيد أردوغان تصريحاته ضد تل أبيب، فيعتبرها عفيفي “تصريحات فقط، ولا يتبعها أي تحركات، وهذا ما يسمى بعملية سياسية أو تمثيلية سياسية”، حسب تعبيره.
ولا يعتقد المحلل الأميركي أن الولايات المتحدة ستأخذ هذه التصريحات على محمل الجد “فلم يحدث أي تحرك حقيقي من تركيا، فقط كلامات قوية، لكن لم يحدث أي تحرّك”.