اعلن معنا الآن
مقالات

قلوب أصبحت حجر وأرواح تحولت إلي أوثان

دمر الصنم الموجود بداخلك واعيد روحك إلى الحياة قبل ما تنتهي الفرصة ولا يتبقى لك سوي الحطام.

قلوب وأرواح أصبحت أوثان 

 

كتبت: ريهام طارق 

 

تحولت الحياة إلى حياة جافة، قاسية، خالية من المشاعر والكلمات، فقدنا النطق اصبحنا غير قادرين على التعبير عما بداخلنا، أصبحنا نعيش في مجتمع منعزل يحيط به الأصنام من كل جهة ، العيون تجمدت واصبح دمنا بارد…وتحولت أجسادنا إلى جثث هامدة، كيف اصبحنا هكذا ، متى حدث كل هذا البعد… متى وصلت القلوب إلي هذه الدرجة من القسوة… أين هم أحبابنا، ورفاق دربنا، أين الأصدقاء والعائلة ورائحة البيوت الدافئة.

 لا أرى حولي بشر.. لا أري غير تماثيل من الأوثان لها عيون ترى ولكنها لا تسمع ولا تتكلم ولا تشعر، أين ذهب إحساسنا بالآخرين، أين ذهبت كلمات المواساة ، اصبح الحب صوره ،و متابعة فيديو مصور أهم من صرخة طفلك ، ومراقبة عدد الاعجابات والتعليقات أهم من فنجال قهوة مع زوجك وهو يروي لكي عن تفاصيل يومه الصعب.

أتذكر في طفولتي عندما كنا نذهب إلي اعياد الميلاد و نحمل الهدايا والحلوى، وفي حفلات الزواج نذهب إلى بيت العروس ونحتفل قبل العرس و نرقص على دقات قلوبنا وهي تغني.

أتذكر أمي وهي تسحب مدونة ضخمة تسجل فيها ارقام الهواتف وتطلب جميع الأرقام بحذر خوفا من أن تنسي رقم حتى تنهي جميع الارقام المكتوبه لتقديم التهنئة في ليلة رمضان وعيد الفطر و الأضحى، وعندما كنت أخرج معها لتقابل صديقاتها كنت أسمع ضحكاتهم و احداهن تتحدث عن موقف حدث لها مع حماتها أو زوجها، و يغلف الحديث شعور من الحميمية التي تشفي القلب من أي ضغوط.

 ولكن اليوم كيف أصبحنا؟

 وأنا مع صديقاتي لا نتكلم بل نراقب هواتفنا فقط.. فقدنا شغفنا وضاعت الشعور بلذة جلسة السمر، واصبحت صوره مليئه بالازهار بديل عن صباح الخير ، واصبح القلب الكبير معني كلمة أحبك ، وصورة لطفل جميل يبعث قبلات تعني كلمة شكرا… فقدنا الاستمتاع بلحظات حلوة ونحن نركز على تسجيل وتصوير كل ما حولنا خوفا من أي تفوتنا و تسجيل موقف عفوي لشخص ليكون مادة للسخرية بغرض زيادة عدد المتابعين وعلامات الاعجاب والتعليقات.

  أصبحنا نقف على المقابر نمسك بالهواتف نصور و ننسى الدعاء للمتوفى، التصقت الهواتف بأيدينا و تحولت التكنولوجيا إلى مصاصي روح..قلب و مشاعر البشر، حولتنا السوشيال ميديا إلى أصنام مع الفارق الكبير بينهم الآن والماضي، فـ الأصنام قديما كانت تعبد ولكن الآن البشر هم من تحولوا إلى أصنام تعبد قطعة من الحديد.

مات احساسنا..ذبلت مشاعرنا وأصبح المجتمع يغلي في داخله كـ بركان قارب على الانفجار لمحو كل من علي الأرض ويتخلص من أبشع المخلوقات وهم البشر.

عزيزي الإنسان أبحث عن هويتك وانسانيتك أنقذ روحك قبل فوات الأوان..قبل أن ت تسرق أيام عمرك ويختفي كل غالي علي قلبك…احتمي بـ أحبائك واستمع لصوتهم ومتع عينيك بالنظر لهم، تحدثوا بصوت عالي اصنعوا ضوضاء بـ ضحكات من القلب، تكلموا مع اولادكم، جيرانكم، أقاربكم، تهادوا، تزاوروا، عيشوا حياتكم ..تصنعوا ذكريات وقم بتدمير الصنم الموجود بداخلك واعيد روحك إلى الحياة قبل ما تنتهي الفرصة ولا يتبقى لك سوي حطام وبقايا روحك.

qaboli rice 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى