
عاشق المجهول…حب لا تراه الشمس الفصل الرابع
الفصل الرابع
أمنية الريحاني
فى منزل مريم:
مازال الجميع مصدوم من حديث يحيى ، وينظرون لبعضهم البعض ثم يعاودوا النظر إلى فاطمة التى تنظر لهم بوجه خالى من أى تعبيرات
ليكمل بعدها يحيي حديثه قائلاً : من 15 سنة كان عاصم فى رحلة عمل للبنان ، وهناك قابل سارة والدة فاطمة ، اتعرفوا على بعض وجمعتهم علاقة صداقة ، لكن مع الوقت تحولت الصداقة لإعجاب وحب كبير ، وبقيت ساره تتردد على مصر كتير عشان تشوف عاصم ، ونفس الموضوع بالنسبة لعاصم، بعد كده عاصم وسارة خدوا القرار إنهم يتجوزوا بعد ما تأكدوا من مشاعرهم وإن حبهم لبعض كان حب حقيقى
ونظر لمريم مكملاً حديثه : وأصر عاصم إنه يحول الحب ده لواقع وجواز رسمى يربطه بسارة ، كان عارف إن الموضوع مش سهل ، وإن إقناع أبوه الحاج إبراهيم الحديدى الصعيدى أمر مش سهل ، لكن حبه لسارة خلاه يتمسك بيها ، ويبقى مستعد يحارب عشانها أى حد ، وفعلا راح فاتح والده اللي وقف ضده ووبخه جامد ، وهدده لو فضل مصر على رأيه هيعتبره مات و يحرمه من الميراث
نظر له عادل بعد تفكير قائلاً: وماما كان رأيها إيه؟
يحيي: الحقيقة والدتك رأيها مختلفش كتير عن رأى والدها ، بس هى فضلت تزيد من غضب والدها بكلامها المسموم ، لكن عاصم كان مستعد يعمل أى حاجة فى سبيل إنه يتجوز سارة ، وفعلاً سافر وطلبها من أهلها ، اللي موقفهم مختلفش كتير عن موقف الحاج إبراهيم ، لو مكنش أعنف
ويتساءل خالد قائلاً: رفضوا؟
يحيي: ياريتها جت على الرفض بس، فى الظاهر هما كانوا رافضين يجوزوا بنتهم لشخص مختلف الجنسية، لكن الحقيقة إن أخو سارة كان طمعان فى ميراث سارة من والدها ، وعشان عارف إن سارة عنيدة وقف ضدها ورفض الجواز ، فقررت سارة إنها تهرب مع عاصم ، وفعلا هربوا وسافروا سوريا ، وهناك إتجوزوا وكانوا أسعد زوجين ، لكن أخو سارة استخسر يشوف أخته سعيدة وفضل يدور عليها ، خصوصا لما عرف إنها خلفت بنت
نظر خالد لفاطمة قائلة: فاطمة !
ليكمل يحيى حديثه قائلاً: كان مصر يخطف بنتها عشان يألمها ويخبرها، يا إما تنفصل عن عاصم ،يا إما متشوفش بنتها ، وفضل عاصم وسارة ومعاهم فاطمة يتنقلوا من بلد لبلد ، ومن مكان لمكان ، عشان يهربوا من شر يوسف أخو سارة ، لحد ما انتهى بهم المطاف الإمارات ، واستقروا هناك فترة ، كان عاصم فيها بيحاول يدور على شغل ، خصوصا وإن الدنيا ضاقت بيه بعد ما والده منع عنه أى فلوس وسحب منه كل شيء ، وفعلا لقى شغل واستقرت حياته هو وسارة وفاطمة ، لحد من تلات سنين فاتوا ، لما عرفوا بمرض سارة ، بس للأسف كان الوقت متأخر أوى ، وحالتها كانت متأخرة ، وملحقتش تتعالج ، وماتت
نظر خالد لفاطمة التى بدأت تهبط دموعها على وجهها بعد أن تذكرت والدتها وعادت بالزمن ثلاث سنوات للوراء
فى إحدى المستشفيات:
ترقد سارة على السرير ويبدو عليها التعب ، تنظر إليها فاطمة فى قلق قائلة: إنتى لسه تعبانة يا ماما ، عارفة أنا صليت زى ما قولتيلى ودعيت ربنا كتير عشان تشفي ، وتسيبى المستشفى
أشارت لها سارة فى ضعف قائلة : قربى يا فاطمة
تقترب منها فاطمة ، فتمسك سارة يدها فى ضعف متساءلة: دعتيلى يا فاطمة؟
أومأت لها فاطمة رأسها قائلة : أيوه يا ماما ، دعيت إنك ربنا يشفيكي
سارة: عايزاكى لما تمشى، وتروحي البيت اصلى تانى وتدعيلى ، بس تدعى ربنا وتقولى يارب ارحم ماما
تنظر لها فاطمة في تساؤل قائلة : يعنى إيه يا ماما؟
سارة: هتعرفى بعدين يا حبيبتى ، المهم كل ما تفتكرى ماما تدعى وتقولى ربنا يرحمك يا ماما
نظر لها عاصم فى الم قائلاً : كفاية يا سارة ، كده هتتعبى زيادة
سارة: خلاص يا عاصم ، مفيش تعب تانى
أعادت النظر فاطمة قائلة: فاطمه حبيبتى ، فاكرة كلام ماما ليكى؟
فاطمة: أيوه يا ماما ، لازم دايما أصلى لربنا ، عشان يحمينى ، ولازم أعرف إن بلدى مصر ، وإن أنا مصرية
سارة: شاطرة يا سارة ، واعرفى كمان إن ماما محبتش أكتر من فاطمة وبابا
وهنا تشهق سارة مرة واحدة ، وتسقط يدها من يد فاطمة ، فتنظر فاطمة لوالدها الباكى قائلة : هى ماما مالها يا بابا ؟
يحتضنها عاصم بصوت باكى قائلاً: ماما ارتاحت يا فاطمة
عادت فاطمة إلى الواقع وقد تسارعت الدموع الساخنة على وجنتيها ، لتنتبه لهذا الذى ينظر إليها ، وكأنه يحتويها ويضمها إليه دون أن يقترب منها
نظر الجميع لفاطمة ، التى مسحت دموعها محاولة استجماع قوتها قائلة: كل اللي أعرفه إن فى واحد جالنا بعد وفاة ماما وقال إنه خالي ، ساعتها اتخانق مع بابا كتير جدا ، واتهمه إنه هو السبب فى موت ماما ، وسمعته وهو بيقول انه عايز يخدنى من بابا ، ساعتها أنا خوفت واستخبيت فى أوضتى ، لكن بابا وقف قصاده ورفض إنه يخدنى ، وبعدها سافرنا الأردن عشان خايفين الراجل ده ويخطفنى بالغصب ، لحد ما فى يوم كنت قاعدة انا وبابا ومعانا عم نوح صديق بابا
وعادت فاطمة بالزمن للوراء
تجلس فاطمة وأمامها كتاب تقرأه ، وفى الجهة الأخرى عاصم ومعه نوح يتحدثان فى بعض الأمور ، بعض قليل حدثت ضجة عالية فى الخارج ، نظر عاصم من نافذة المنزل فوجد عدة سيارات مجهزة ، وفيها رجال يحملون سلاح يحاوطون المنزل ، اقترب عاصم من فاطمة فى خوف ، وركض مسرعاً يحمل حقيبة كان يخبئها فى الدولاب ، وخرج من باب سرى فى المنزل إلى الشارع الخلفى
نظر عاصم لنوح فى قلق قائلاً: أنا كنت متأكد إنهم هيعرفوا مكاننا
نظر له نوح متساءلا: طب وبعدين هنعمل إيه؟
عاصم: هنعمل اللي اتفقنا عليه يا نوح، هتاخد فاطمة وتهربها من الأردن زى ما اتفقنا ، وأنا هفضل هنا عشان أشغلهم عنكم
نوح: طب ما تهرب معانا أنت كمان؟
عاصم: مينفعش ، لو هربت بيدوروا علينا كلنا ، و يلاقونا بسهولة قبل ما نسيب البلد ، ويوسف مش هيسكت ، هو هدفه فاطمة ، عايز ياخدها ويقتلها عشان متكبرش وتطالب بميراث أمها ، اسمع كلامى يا نوح مفيش وقت
ونظر عاصم لفاطمة التى تنتفض فى حضنه قائلاً: فاطمه حبيبتى ، انتى بتحبى بابا صح؟
أومأت فاطمة رأسها بالموافقة
عاصم: و عارفة إن بابا أكتر واحد بيحبك وبيخاف عليكى ، مش كده؟
أومأت فاطمة مرة أخرى ، ليكمل قائلاً: هتروحى دلوقتى مع عمو نوح ، هيوديكي لعمتك غالية وعمك يحيي أهلنا اللي فى مصر ، وانا هخلص بعض الشغل هنا ، وهسافر لكم على طول
تمسكت به فاطمة قائلة: لا يا بابا ، خلينى معاك ، أو تعالى أنت معايا ، متسبنيش لوحدى ، كفاية ماما سبتنى
حاول عاصم منع دموعه من النزول ، ونظر لإبنته قائلاً: فاطمة، بنتى حبيبتى شاطرة وبتسمع الكلام ، وصدقينى انا هاجى على طول ومش هتأخر عليكى ، وهناك هتلاقى ناس كتير بتحبك
نظر عاصم لنوح وهو يمد يده بالحقيبة إليه قائلاً: خد الشنطة دى ، كنت محضرها بقالى فترة ، دى فيها كل أوراق فاطمة اللي هتحتاجها ، عشان تكمل حياتها فى مصر ، خد بالك منها يا نوح
ونظر لفاطمة ، ثم ضمها إليه فى حب وشوق وكأنه يودعها لأخر مرة
تعود فاطمة للواقع وقد كانت ما تحكيه من ذكريات بمثابة الخنجر الذى يمزق فى القلوب ، كان الجميع ينظر إلى تلك البريئة التى لطالما عانت ، وفهم خالد ما كانت تعنيه من أنها صاحبت الخوف وأصبح رفيقها
أكملت فاطمة حديثها قائلة : والباقى بقى انتوا عارفينه ، عمو نوح جابنى وسابنى قدام الفيلا عند عمتى ، ولقتها بتهييني وتطردني من غير سبب
يحيي: حقك عليا يا بنتى، لو أعرف إنك هتيجى مصر في الوقت ده مكنتش سافرت ، اسمعى يا فاطمة ، انتى بنت أعز صديق ليا ، مش بس صديقى دا أخويا وعشرة عمرى ، وهو كلمنى قبل ما تنزلى وصانى عليكى ، يعنى اعملى حسابك انك هتبقى فى حمايتى ومعايا ، لحد ما والدك يرجع بالسلامة
نظرت له مريم متساءلة: هتعمل معاها إيه يا يحيي ، أوعى تقولى إنك هترجع الغالية
قاطعها يحيي في رفض قاطع قائلاً : لا طبعا ، مستحيل بعد كل اللي حصل فاطمة ترجع تقعد مع غالية ، أنا هجيبلها شقة تقعد فيها ، واجيبلها مربية وناس يبقوا تحت امرها يرعوها وأنا كل يوم هعدى أطمن عليها
مريم: أنت بتقول إيه يا يحيي ، عايز البت تقعد لوحدها ، و احنا كلنا موجودين
ليقطع حديثهما صوت خالد قا
ئلاً: بعد إذنك يا خالي ، أنا عايز فاطمة
يتبع……إلي اللقاء في الجزء الخامس من رواية عاشق المجهول
تليفونات سامسونج