الوساطة الروسية لوقف “حرب غزة”.. ما هي حظوظها وعقباتها؟
تساؤلات عن دور موسكو في ظل ما أطلقه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، من عرض للوساطة بين الطرفين الإسرائيلي والفلسطيني
في غمرة التصعيد بين إسرائيل وحماس، منذ أكثر من أسبوع، وما ينذر به من احتمالات توسع رقعة الصراع، في ظل ضعف حظوظ دعوات وقف إطلاق النار و الوساطات، على وقع احتدام الحرب، تبرز تساؤلات عن دور موسكو في ظل ما أطلقه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، من عرض للوساطة بين الطرفين الإسرائيلي والفلسطيني.
وكان بوتين قد قال خلال قمة رابطة الدول المستقلة في بيشكيك، إن موسكو “مستعدة للعمل كوسيط” في الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، معربا عن “قلقه العميق” إزاء تصاعد العنف، ومؤكدا على “الحاجة الملحة لوقف إراقة الدماء”.
و أضاف الرئيس الروسي أن “روسيا مستعدة للتنسيق مع جميع الشركاء ذوي التوجهات البناءة، ونحن ننطلق من افتراض أنه لا يوجد بديل لحل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي إلا المفاوضات”.
فيما يرى مراقبون أنه بحكم الحضور الروسي التقليدي في أزمات الشرق الأوسط وأبرزها الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وما تتمتع به من علاقات مع الطرفين، يمكن لموسكو لعب دور محوري في التوسط وكبح جماح هذه الحرب الآخاذة في الاستعار.
ويشكك محللون آخرون في قدرة موسكو على القيام بوساطة فاعلة وناجعة لوقف الصراع الحالي المحتدم، مشيرين لضعف أدوات الضغط والتأثير الروسية، في ظل وجود لاعبين دوليين أكبر وأكثر انخراطا في الأزمة، وفي ظل انشغالها الكبير بالحرب في أوكرانيا.
يقول الباحث والخبير الروسي في العلاقات الدولية تيمور دويدار:
بوتين لم يطرح وساطة متكاملة وإنما أعرب عن استعداده للعب دورها، وصحيح أن هناك علاقات حسنة بينه وبين بنيامين نتانياهو خاصة، لكن هذا لا يعني أن لدى روسيا تأثيرا كبيرا على إسرائيل، والأخيرة لم تطلب ذلك أصلا.
رغم ذلك فعلاقات موسكو الجيدة مع كل من إسرائيل وفلسطين، تمكنها من لعب دور بناء ونشط في حال تبلور رغبة من قبل طرفي الصراع لتدخلها.
لا تصورات ولا خطة روسية واضحة و متبلورة لهكذا وساطة، والموقف الروسي غالبا يتمحور حول ضرورة حل الدولتين، وهو طرح يبدو غير عملي وواقعي في ظل الظروف الحالية و توازنات القوى، وعدم تطبيق القرارات الدولية الخاصة بالصراع الفلسطيني الإسرائيلي، ومع انقسام الفلسطينين أنفسهم والذي يلعب دورا سلبيا في ما تعانيه قضيتهم المحقة من تشرذم وتراجع، ولهذا كله فروسيا ليست في وارد الدخول في وساطة يبدو أفقها مبهمة و مسدودة.
لا ننسى أن روسيا نفسها منغمسة في ملف الحرب الأوكرانية، وليست قادرة على إقحام نفسها في ملف الشرق الأوسط المتفجر حاليا.
من جهته يقول الأستاذ في مدرسة موسكو العليا للاقتصاد رامي القليوبي
هذه ليست أول مرة تطرح فيها موسكو التوسط بين الإسرائيليين و الفلسطينين، وهي قادرة من حيث المبدأ في ظل التصعيد الكبير الحالي على لعب دور الوسيط، بالنظر لما تتمتع به من علاقات مع أطراف الصراع، بما فيها حماس.
قدرة موسكو العملية على الضغط على إسرائيل محدودة، والعلاقات بين الجانبين يتخللها خلافات كبيرة، وخاصة بعد الموقف الإسرائيلي من حرب أوكرانيا و الاصطفاف مع الغرب ضد روسيا.
الوسيط يجب أن تتوفر فيه شروط امتلاك أدوات الجذب والضغط على طرفي الصراع، وهو ما يجعل فرص الوساطة الروسية المزمعة ضئيلة، والتي قد تقتصر في حال نجاحها على الإفراج عن الأسرى الإسرائيليين لدى حماس من حملة الجنسية الروسية مثلا.